ذوي البشرة السوداء

لاينحدر سود العراق من سلالة واحدة، إنما هم من أصول أفريقية متعددة، وقد جيئ بأجدادهم عبر مراحل التاريخ، واستوطنوا أماكن مختلفة فهناك من هو نوبي (من بلاد النوبة)، وزنجباري -نسبة إلى زنجبار (جزيرة في البحر العربي مقابل اليمن)- ومنها اشتق اسم (زنجي)، الذي عرف به السود خلال ثورتهم المعروفة بثورة الزنج، وهناك من هو من غانا، وبعضهم من بلاد الحبشة (أثيوبيا حاليا).
خلال النصف الأول من القرن العشرين، عاش السود في جنوب العراق ووسطه، إلا أن الأغلبية تمركزوا في البصرة، بسبب حاجة الملاكين والتجار والوجهاء إلى من يحميهم ويسندهم في النزاعات التي تحدث في أحيان كثيرة، فالبصرة في ذلك العهد لم تعرف المجتمع القبلي كما عرفته محافظات مثل؛ ذي قار، و ميسان، لذلك اعتمد الأعيان فيها على السود في مواجهاتهم وقضاء أمورهم. فجلبوا أعدادا كبيرة منهم من بلاد النوبة (في مصر)، وارتيريا والحبشة (أثيوبيا حاليا)، واستعملوهم في كل أمورهم، وكان بيت السعدون، وآل النقيب، وبيت الشيخ خزعل الكعبي في مقدمة العوائل المتنفذة التي استرقت السود واستعبدتهم، واستعملتهم في مزارعهم وأعمالهم البحرية والتجارية.
وبعد قيام ثورة 1958، وسقوط الاقطاعية، وذهاب نفوذ الأعيان والوجهاء، استوطن السود في منطقة الزبير كمدينة عمل، وفيها الأراضي الواسعة التي لم تكن مملوكة لأحد، ما مكنهم أن يبنوا لهم بيوتا بسيطة، يستظلّون بظلّها بعد أن كانوا قبل هذا الوقت يعملون في الفاو، وفي أبي الخصيب حيث تكثر (جراديغ التمور)، أي مخازن التمور التي كان يملكها بعض الكويتيين مثل؛ ابن ابراهيم وغيره.


وفي أثناء الحرب مع إيران ارتحل هؤلاء إلى الزبير، بعد احتلال الإيرانيين الفاو العام 1986، وخراب بساتينها وما فيها من مصالح اقتصادية، ومع ذلك بقيت الزبير معقل السود في العراق، إذ يتجاوز عدد القانطين فيها من السود 200000 نسمة. ويتوزع مثل هذا العدد على مناطق أخرى في أبي الخصيب، وحي الحسين والجمهورية، وفيما يقطن القسم الآخر ويقدر بأكثر من مليون شخص في محافظة بغداد (مدينة الصدر)، إذ إن جل سكان بعض القطاعات في المدينة المذكورة من السود، ومحافظات ذي قار، وميسان والمحافظات الأخرى، ويبلغ التعداد التخميني للسود في العراق أكثر من مليوني نسمة.
post-edit

ليست هناك تعليقات: