الصابئة



علي قاسم //

هي أحد الأديان وتعتبر من الاقليات التي تعيش على ضفاف دجلة والفرات جنوبي العراق، ويتكلمون لغة خاصة بهم، ويعملون في صناعة القوارب وآلات الحصاد والنقش على الفضة، ويعتقدون أن ديانتهم هي أقدم الأديان، وقدر عددهم عام 1977 بـ16 ألف نسمة .
وهي اصل جميع تلك الاديان لانها أول الاديان الموحدة واتباعها من الصابئة يتبعون انبياء الله آدم، شيث، ادريس، نوح، سام بن ونوح، يحيى بن زكريا وقد كانوا منتشرين في بلاد الرافدين وفلسطين، ولا يزال بعض من أتباعها موجودين في العراق كما أن هناك تواجد للصابئة في إقليم الأحواز في إيران إلى الآن ويطلق عليهم في اللهجة العراقية " الصبّة " كما يسمون، وكلمة الصابئة إنما مشتقة من الجذر (صبا) والذي يعني باللغة المندائية اصطبغ، غط أو غطس في الماء وهي من أهم شعائرهم الدينية وبذلك يكون معنى الصابئة أي المصطبغين بنور الحق والتوحيد والإيمان.
وهم أقدم الجماعات التي عاشت في بلاد ما بين النهرين، وديانتهم من أقدم الديانات الروحية في العالم، وهم أحد الأدلة الحيّة على حضارة ميزوبوتاميا (بلاد مابين النهرين)، وبعد أن عاشوا على أرض العراق عشرات القرون، لم يتبقَ منهم اليوم سوى بضعة آلاف.

ويعيش الصابئة المندائيون على ضفاف دجلة والفرات جنوبي العراق، ويتكلمون لغة خاصة بهم، ويعملون في صناعة القوارب وآلات الحصاد والنقش على الفضة، ويعتقدون أن ديانتهم هي أقدم الأديان، وقدر عددهم عام 1977 بـ16 ألف نسمة .

سكن الصابئة المندائيون قرب الأنهار في جنوب العراق، ومناطق الأهواز في بلاد فارس (إيران حاليا)، إذ كانت هذه المناطق امتدادا جغرافيا واحدا، ومن أشهر المدن التي سكنوها؛ البصرة، ومدينة الطيب في ميسان، ومدينة العمارة، والكحلاء، والمجر الكبير، والمشرح، والناصرية، وسوق الشيوخ، فضلا عن مدينة مندلي وواسط، وفي أهواز إيران سكنوا مناطق عبادان، والمحمرة، وشوشتر، وديزفول. ومن هذه المدن انتقل قسم منهم إلى العاصمة بغداد، اذ بدأت الهجرة اليها في أوائل القرن العشرين، لتصبح أكثر المدن التي تمركز فيها الصابئة المندائيون، وانتقل قسم منهم إلى الديوانية، والأنبار، وكركوك، وبعد الفوضى التي اجتاحت العراق بعد العام 2003، وانعدام الأمن، وانتشار الجريمة، واستهداف الأقليات اضطر عدد من المندائيين للنزوح إلى شمال العراق، والاستقرار في مدينة السليمانية وأربيل.

تدعو الديانة الصابئية للإيمان بالله ووحدانيته مطلقاً، لاشريك له، واحد أحـد، وله من الأسماء والصفات عندهم مطلقة، ومن جملة أسمائه الحسنى، والتي لاتحصى ولا تـُعـَـد عندهم (الحي العظيم، الحي الأزلي، المزكي، المهيمن، الرحيم، الغفور حيث جاء في كتاب الصابئة المقدس جنزا ربا : باسم الحي العظيم : *هو الحي العظيم، البصير القدير العليم، العزيز الحكيم * هو الأزلي القديم، الغريب عن أكوان النور، الغني عن أكوان النور *هو القول والسمع والبصر، الشفاء والظفر، والقوة والثبات، مسرة القلب، وغفران الخطايا)، أن الله الحي العظيم أنبعث من ذاته وبأمره وكلمته تكونت جميع المخلوقات والملائكة التي تمجده وتسبحه في عالمها النوراني، كذلك بأمره تم خلق آدم وحواء من الصلصال عارفين بتعاليم الدين الصابئي وقد أمر الله آدم بتعليم هذا الدين لذريته لينشروه من بعده. يعتقد الصابئة بأن شريعتهم الصابئة الموحدة تتميز بعنصري العمومية والشمول، فيما يختص ويتعلق بأحكامها الشرعية المتنوعة، والتي عالجت جميع جوانب وجود الإنسان على أرض الزوال (تيبل)، ودخلت مفاهيمها في كل تفاصيل حياة الإنسان، ورسمت لهذا الإنسان نهجه ومنهجيته فيها، فتميزت هذه الشريعة بوقوفها من خلال نصوصها على مفردات حياة الإنسان الصابئي، فاستوعبت أبعادها، وشخـصّـت تـَـطورّها وأدركت تكاليفها، ودخلت في تفاصيلها، فهي شريعة الله الحي القيوّم، وشريعة أول أنبيائه (آدم وشيتـل ونوح وسام بن نوح وإدريس ويحيى) مباركة أسمائهم أجمعين. وعندهم إن الإنسان الصابئي المؤمن التقي يدرك تماماً، أن (القـوة الغيـبيّـة) هي التي تحدد سلوكه وتصرفاته، ويعلم أيضاً أن أي إنسان مؤمن ضمن الإطار العام لهذا الكون الواسع وضمن شريعته السماوية اليهودية والمسيحية والإسلامية، يشاطره هذا الإدراك والعلم، حيث إن مصدر جميع هذه الأديان هي الله مسبح اسمه، واعتبرهم مشايخ المسلمين بكونهم من اهل الذمة لان جميع شروط واحكام اهل الذمة تنطبق عليهم، لكونهم أول ديانة موحدة، ولهم كتابهم السماوي، وانبيائهم التي تجلها جميع الاديان، مع ذكرهم بالقرآن الكريم، ولكونهم لم يخوضوا اي حروب طيلة تعايشهم مع الأديان الأخرى التي تلتهم بالتوحيد،

أصل الصابئة
يرجع الكثير الصابئة المندائيين إلى شعب آرامي عراقي قديم ولغته هي اللغة الآرامية الشرقية المتأثرة كثيرا بالاكادية. استوطنوا وسط العراق وبالأخص المنطقة الممتدة من بغداد وسامراء من ناحية دجلة.
وفي العهد البابلي الأخير تبنى شعوب المنطقة اللغة الآرامية لغة رسمية لأسباب كثيرة واستخدمت بكثرة في بابل والقسم الأوسط من العراق القديم وكانت اللغة المهيمنة في القسم الجنوبي من بلاد ما بين النهرين وما يعرف الآن ببلاد خوزستان في إيران وهي نفس اللغة التي يستخدمها الصابئة المندائيون اليوم في كتبهم ونصوصهم الدينية.
كان الصابئة قد اعتبروا من قبل الإسلام على انهم من اهل الكتاب، إذ ان بالتعبير ((الصابئين)) الذي ورد في القرآن الكريم، في ثلاث ايات كانت تقصد تلك الجماعة العراقية التي آمنت بالتوحيد واتخذت الصباغة شعارا ورمزا لها.
اما النص المندائي التاريخي الأهم هو الذ ي يبين بأنه عندما جاء الإسلام وجعل يميز بين الاديان ذات الكتب المنزلة والأديان التي لم تكن موجهة من السماء قدم الريشما (آنوش بن دنقا) 639 ـ 640 ميلادية ـ الذي ترأس وفد الصابئة المندائيون ـ كتابهم المقدس كنزا ربا (الكنز الكبير) للقائد العربي الإسلامي آنذاك، وربما كان سعد بن ابي وقاص، واطلعه على ديانتهم كما يذكر أنه قبل منهم ربما تكون أول شخصية تذكر في تاريخ المندائيين هو امرأة اسمها (شلاما بنت قدرا)، وهذه المرأة، التي تسمى باسم امها / أو معلمتها في الكهانة، هي أقدم امرأة (مندائية) ورد اسمها على انه ناسخة النص المعروف بالكنزا شمالا كتاب المندائيين المقدس الذي يتألف من قسمين (يمين شمال) والجزء الأيسر بشكل نصوص شعرية يتناول صعود النفس إلى عالم النور.. و[الكنزا ربا] هو أقدم نص مندائي. وتعود شلاما هذه إلى سنة 200 بعد الميلاد، وهي بذلك تسبق بعدة اجيال الناسخ المندائي الشهير زازاي بر گـويزطه سنة 270 بعد الميلاد والذي يعودالى حقبة (ماني).
في زمن الدولة الفارسية تمتع المندائيون تحت حكم الملك ادشير الأخير بحماية الدولة (الامبراطورية) ولكن الأمر تغير حين جاء إلى السلطة الملك الساساني بهرام الأول سنة 273، إذ قام باعدام (ماني) في بداية حكمه بتأثير من الكاهن الزرادشتي الأعظم (كاردير).
وامتد الاضطهاد الساساني الديني ليشمل اتباع الديانات الأخرى الغير زرادشتية مثل المندائية والمانوية واليهودية والمسيحية والهندوسية والبوذية. ويمكننا ان ننتهي إلى ان المندائيين قاموا بجمع تراثهم وأدبهم الديني وترتيبه وحفظه وهذا واضح في الجهود المكثفة التي قام بها الناسخ (زازاي) في هذا المجال.
لكن حملة الاضطهاد العشواء التي قادها الحبر الاعظم للزرادشت (كاردير) لم يستطع القضاء تماما على المندائية، ولكن التدوين توقف تماما لعدة قرون ولم نشاهد التأثيرات والكتابات المندائية الا فيما يسمى بأوعية (قحوف) الاحراز والأشرطة الرصاصية.

التاريخ
ان تاريخ الصابئة المندائية يلفه الغموض من أغلبية جوانبه، وهذا باعتراف الكثير من الباحثين في المجال المندائي. يرجع السبب إلى انزوائهم وانغلاقهم الديني الشديد ومنذ فترات طويلة، وذلك بسبب الاضطهاد الكبير الذي تعرضوا له على فترات متعاقبة فاثروا الانزواء والانغلاق للمحافظة على دينهم وتراثهم. وأيضا إلى ضياع وحرق الكثير من الكتب التي تتحدث عن تاريخهم وتراثهم. على العموم هم يرجعون دينهم إلى نبي الله ادم  ويقولون بان صحفه لا زالت لديهم إلى الآن (وهي من ضمن كتابهم المقدس كنزا ربا – الكنز العظيم).. وهذا الكلام يتفق تقريبا مع ما ورد عند المؤرخين والكتبة العرب القدماء، والذين يرجعون الصابئة إلى اصل قديم جدا.. فمنهم من يرجعهم إلى ادم أو إلى ابنه شيث أو شيتل كما يدعى بالمندائية!!..
وان الباحثين في القرن الماضي انقسموا في اصل الصابئة المندائيين إلى قسمين: فمنهم من يرجح الاصل الشرقي للمندائيين (أي من بلاد وادي الرافدين) ومنهم من يرجح الاصل الغربي (أي من فلسطين).. ويبقى الاصل الشرقي للمندائية، الراي الأكثر ميولا له من قبل الباحثين

الديانة والايمان
ان الصابئة قوم موحدون، يؤمنون بالله واليوم الأخر، وأركان دينهم التوحيد – الصباغة – الصلاة – الصوم – الصدقة). وهي أول ديانة توحيدية في التاريخ، حيث يعود اصلها إلى نبي الله آدم ...والصابئة أصحاب ديانة قديمة ولعلها أقدم ديانة موحدة عرفتها البشرية وأشار إلى الكثير عنهم في كتاب أقوام تجولت بينها فعرفتها))


اما بخصوص الكتب الدينية.. فللصابئة المندائيين كتابهم المقدس المنزل يدعى (كنزا ربا) أي الكنز العظيم مخطوط باللغة المندائية، ويحتوي هذا الكتاب على صحف ادم وشيت وسام (عليهم السلام). ويقع في 600 صفحة وهو بقسمين القسم الأول: من جهة اليمين ويتضمن سفر التكوين وتعاليم (الحي العظيم) والصراع الدائر بين الخير والشر والنور والظلام وكذلك تفاصيل هبوط (النفس) في جسد ادم ويتضمن كذلك تسبيحات للخالق واحكام فقهية ودينية القسم الثاني: من جهة اليسار ويتناول قضايا (النفس) وما يلحقها من عقاب وثواب. إضافة إلى تراتيل وتعاليم ووصايا.

الصباغة: أو ما يدعى ب(مصبتا) باللغة المندائية. ولقد جاءت تسمية الصابئة من جذر هذه الكلمة لغة ومفهوما، تعني الارتماس والتطهر بالماء الجاري وهذا الطقس يعتبر عماد الديانة المندائية وركنها الأساسي، وهو فرض واجب على الإنسان ليكون صابئياً. والصباغة لديهم تجري في المياه الجارية الحية وجوبا، لانه يرمز إلى الحياة والنور الرباني. وطقس التعميد المندائي محتفظ إلى الآن باصوله القديمة، وهو نفسه الذي نال المسيح به التعميد على يد النبي يحيى بن زكريا (يوحنا المعمدان) مباركة اسمائهم


post-edit

ليست هناك تعليقات: